ملء أللاهوت, وكيف يتكامل ويتم عمل الثالوث؟ ومن أينَ ينبثق ألروح القدس؟


إن إنبثاق الروح القدس, لا علاقة له بتواجد الروح القدس وكينونتهِ ولا يُلزِم تواجد الآب او الابن بمعيتِهِ, وإلا فلا كينونة او تواجد للروح القدس بحد ذاتِهِ وبمفردهِ, وإِنْ إِعتقدنا بوجوب تواجد الروح القدس فقط بمعية احد الاقنومين الآخرين, فهذا سيناقض كينونة الوحدة الثلاثية الازلية بأقانيمها الثلاثة المستقلة والمترابطة في نفس الوقت والتي لا تتجزء ابدا, فهو أي ألله, واحد أحد, لا يتجزء او ينقسم, فالروح القدس متواجد كاقنوم ثالث مستقل وكائن بحد ذاته من ضمن كينونة الوحدة الثلاثية الازلية ذاتها, فنرى في:


اعمال(2-1):


وَلَمَّا جَاءَ الْيَوْمُ الْخَمْسُونَ، كَانَ الإِخْوَةُ مُجْتَمِعِينَ مَعاً فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، 2وَفَجْأَةً حَدَثَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ كَأَنَّهُ دَوِيُّ رِيحٍ عَاصِفَةٍ، فَملأ الْبَيْتَ الَّذِي كَانُوا جَالِسِينَ فِيهِ. 3ثُمَّ ظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ، وَقَدْ تَوَزَّعَتْ وَحَلَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، 4 فإمتلأوا جَمِيعاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَأَخَذُوا يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ أُخْرَى، مِثْلَمَا مَنَحَهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا.


فلو ألزمنا الروح القدس بالتواجد فقط بمعية احد الاقانيم او كلاهما, لألزمنا حلوله على المؤمنين بحضور وتواجد الآب أو الابن! لكنَّا نعلم بأَنَّ الروح القدس حضر كشبه ألسنة نارية منقسمة بمفرده وحلَّ على التلاميذ في يوم ألخمسين, لكنَّهُ أي ألله ألروح ألقدس لم يأتي من ذاته, بل أللهُ ألآبُ هو ألذي أرسَلَهُ, ولم يُرسِلَهَ هكذا فقط, بل أرسَلَهُ ألآبُ بإسم اللهِ ألأبن اي أرسَلَهُ ألآبُ بإسمِ الرب يسوع المسيح, لكي يُحْيي المؤمنين ويمنحُهم الحياةَ ألأبدية التي للهِ ألأبن, أي ليُشاركوا ألأبن بحياتِهِ ألأبدية أللا نهائية والتي هو ألآخر أخذها بالأصل من الله ألآب ذاته, فهو لا يحيا بذاتِهِ, بل يحيا ألإبن بحياة ألآب ومصدر الحياة ألأبدية, وعلة الكينونة والوجود ذاته, وهذا الوجود وألكينونة لا يكون ولا يبدأ إلا بكينونة علة الوجود, أي ألله ألآب. فقد قال الربُ يسوع ألمسيح:


يوحنا (6-47) : الحق الحق أقولُ لكم من يؤمن بي فلهُ الحياةُ الابديةُ. .... (51) أنا الخبز الحيُ الذي نزلَ من السماءِ (52) إن أكل أحدُ من هذا الخبز يحيا الى الابدِ والخبزُ الذي سأُعطيهِ أنا هو جسدي لحياةِ العالمِ. ...... (54) فقال لهم يسوعُ الحقَ الحقَ أقولُ لكم إن لم تأكلوا جسدَ إبنِ البشرِ وتشربوا دمَهُ فلا حياةَ لكُم في ذاتِكُم. ...... (57) من ياكل جسدي ويشرب دمي يثبُت فيَ وأنا فيهِ. (58) كما أرسلني الآبُ الحيُ وأنا أحيا بألآبِ فألذي يأكلُني يحيا هو أيضاَ بي. (59) ..... من يأكل هذا الخبزَ فإنهُ يعيشُ الى الأبدِ.


فإنْ لم تتعمذوا بإسم الاب والابن والروح القدس وتتناولوا جسد الرب ودمه لتثبتوا فيه وهو فيكم, لا يُمكنكم الوصول إلى ألله ألآب, لذا قال الربُ ," ليسَ أحدُ يأتي إلى ألآب إلا بي" فلكي تصلوا إلى ألآب يجب أن تتوحدوا اولاَ وتثبتوا في الابن, لأنَّهُ الطريق الوحيد إلى الآب, لذا يُرسل ألآبُ الروح القدس باسم الابن, لأَنَّهُ اي الابن هو الطريق الوحيد للوصول إلى ألآب, اي عن طريق قبول فداء الابن اولاَ لنتبرر به, فنحيا بفدائِهِ ونثبتَ فيهِ.


يوحنا(14-6): قال له يسوع: "أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي"


وفي: يوحنا(17- 5): والان مجدني أنتَ يا أبَتِ عندك بألمجدِ الذي كانَ لي عندكَ قبلَ كونِ العالم ... (11) أيُها ألآبُ القدوسُ إحفَظ بإسمِكَ الذينَ أعطيتَهُم لي ليكونوا واحداَ كما نحنُ واحدُ............. (17) قَدسهُم بِحَقِكَ, إن كَلِمَتِكَ هي الحق.......... (20) ولَستُ أسألُ من أجلِ هولاءِ فقط بل أيضاَ من أجلِ الذين يؤمنونَ بي عن كلامِهم (21) ليكونوا هُم أيضاَ فينا حتى يُؤمنَ العالم أنكَ أنتَ أرسلتني (22) وأنا قد أعطيتُ لهم المجدَ الذي أعطيتَهُ لي ليكونوا واحداَ كما نحنُ واحد (23) أنا فيهِم وأنتَ فيَّ لِيَكونوا مُكَملينَ في الوحدةِ حتى يعلَم العالم إنكَ أنتَ أرسلتني وإنَكَ أحبَبتَهُم كما أحبَبتني.


فإنْ ثبتنا في الابن وهو فينا, اصبحنا بالضرورة مثبتين بالوحدة الثلاثية الازلية ذاتها, ولكن بالرغم من ذلك, لا يقول الابن هذا من نفسه, بل يطلب هذا التكامل والاضافة من الله الآب ذاته, لانَّ الابن لا يتكلم من ذاته, ولم يُرسل الابن ذاته, بل أتى من الآب وهو الذي أرسلهُ, وبألآبِ يحيا الابن ويُحيي من يؤمن به وبفدائهِ, وكل ما قال الآب وفعل , يقوله الابن ويفعله ايضاَ.


يوحنا (26-58): كما أرسلني الآبُ الحيُ وأنا أحيا بألآبِ فألذي يأكلُني يحيا هو أيضاَ بي.


وهكذا يتم هذا التناغم والتلاحم بوجود وكينونة الثالوث الواحد أحد, وهكذا يتكامل عمل الله من ضمنِ ثالوثِهِ, فلا ألإبن يأتي من ذاته, ولا الروح القدس يأتي من ذاتِه لكن يُرسل من قبل الله ألآبُ بإسم الابن, ليُحيي ويمنح المؤمنين بفداء الرب يسوع المسيح, حق ألمشاركة في الحياة الابدية أللانهائية أي ألتي لله ألإبن, والتي إستَمدها اصلا من مصدر الكينونة والحياة اي من ألله ألآبُ, ألذي هو علة الوجود والكينونة والمحبة ألإلاهية والحياة الابدية, ويقول الرب في:


يوحنا (14-7): لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا. وَمِنَ الآنَ تَعْرِفُونَهُ وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ .... (9) قَالَ لَهُ يَسُوعُ:" أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟.... (11) صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ، وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا ..... (16) وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ (17) رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ. ... (20) فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ. ... (26) وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.


أي إِنَّ الابن يحيا بالآب, ومن سيؤمن سيحيا بالإبن لأنَّهُ سيثبت بالابن والابن يثبت فيه, اي سَيَكْتَمل بالوحدة الثلاثية الازلية, لأَنَّ ألإبن هو ألإقنوم الثاني من الوحدة الثلاثية ألأزلية, وطبعاَ مصدر الحياة كلها من الاصل هو من الله ألآب. فالابن يولد من الآب الذي هو اصل الوجود والحياة.


** ونبدأ ونتسأل من اين ينبثق الروح القدس؟ أمن ألآب وحده؟ أم من ألآب اولاَ والإبن أيضاَ؟ ولكي نفهم الامر دعنا نتناول الموضوع كتابياَ, ولا نجتهد من ذواتنا, او من إنتمائنا الطائفي, فهذا ألإنتماء الطائفي سيجعلنا ننحاز إلى ما تعودنا عليه وتطبعنا بهِ, لذا سنلجأ فقط إلى الكتاب ذاته, لنتطلع على الحقيقة كما هي, ففي ألآيات الكتابية ادناه يرد لنا ألآتي:


دانيال(7-9): وبينما كنت أرى إذ نصبت عروش فجلس القديم الايام. وكان لباسه أبيض كالثلج وشعر رأسه كألصوف النقي وعرشه لهيب نار وعجلاته نار مضطرمة. (10) ومن أمامه يجري ويخرج نهر من نار وتخدمه الوف الوف , وتقف بين يديه ربوات ربوات . فجلس أهل القضاء وفتحت الاسفار (13) "كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. (14) فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض.


فنلاحظ من ألآيات أعلاه إِنَّ ألنار اي الروح القدس يشع من العرش من امام الله الآب , فألآب هنا جالساَ على العرش ويشع وينبثق الروح القدس منهُ, أما ابن الانسان فهو واقف امام الآب ليُعطى ملكوتاَ ابدياَ.


وفي: حزقيال(1-1): في السنةِ الثلاثين .... وأنا بينَ ألجلاءِ على نهرِ كبار إِنفَتحتِ السمواتُ فرأيتُ رؤى أللهِ. ... (4) فرأيتُ فإذا بريحٍ عاصف مقبلةَ من الشمال وغمام عظيم ونارُ متواصلة وله ضياء من حوله ومن حوله ومن وسطها كمنظر نحاس لامع من وسطٍ النار (5) ومن وسطها شبه أربعة حيوانات وهذا مرآها . لها شبه البشر (6) ولكل واحد أربعة أوجه ولكل واحد أربعة أجنحة ... .(10) أما شبه أوجهها فلاربعتها وجه بشر وعن اليمين وجه أسد ولأربعتها وجه ثور عن الشمال ولآربعتها وجه نسر ... ... (26) وفوق الجلد الذي على أرؤسها شبه عرش كمرآى حجر اللازورد وعلى العرش شبه كمرآى بشرٍ عليه من فوق (27) ورأيتُ كمنظر النحاس اللامع في داخله عند محيطه كمرآى نار من مرآى حقويه الى فوق, ومن مرآى حقويه الى تحت رأيت مثل مرآى نار والضياء يحيط به (28) ومثل مرآى قوس الغمام في يوم مطر كان مرآى هذا الضياء من حوله ؛ هَكَذَا كَانَ مَنْظَرُ شِبْهِ مَجْدِ الرَّبِّ. وَعِنْدَمَا أَبْصَرْتُ خَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي وَسَمِعْتُ صَوْتاً يَتَكَلَّمُ ......


وفي : حزقيال (8-2): فَنَظَرْتُ وَإِذَا شِبْهٌ كَمَنْظَرِ نَارٍ، مِنْ مَنْظَرِ حَقْوَيْهِ إِلَى تَحْتُ نَارٌ، وَمِنْ حَقْوَيْهِ إِلَى فَوْقُ كَمَنْظَرِ لَمَعَانٍ كَشِبْهِ النُّحَاسِ اللاَّمِعِ.


فإذن رأى كُلُ من دانيال وحزقيال نهراَ من نار خارجاَ من العرش السماوي, وألآب جالساَ على العرش, أي يشع وينبثق الروح القدس من العرش السماوي, وقوس الغمام هو علامة العهد التي قطعها الله مع البشر أن لا يكون طوفانُ آخر كألذي حصل في زمانِ نوح, أي إنَّ علامة قوس الغمام هي للدلالة على السلام وعهد ألأمان الذي يلازم تواجد الله وحضوره, وقد قال الرب يسوع ايضاَ سلامي اعطيكم, سلامي أمنحكم, ليسَ كما يعطي العالم أنا أُعطيكم. يوحنا(14-27).


أما في ألآيات أدناه ألتي تخص ألله ألإبن قبل ألتجسد نلاحظ:


دانيال (10- 5): رفعت طرفي ورأيت فاذا برجل لابس كتانا وحقواه منطقان بنضار من اوفاز (اي الذهب) (6) وجسمه كالزبرجد ووجهه كمرى البرق وعيناه كمشعلي نار وذراعاه ورجلاه كمنظر النحاس الصقيل وصوت أقواله كصوت جمهور.


أي إِنَّ الرجل الكاهن اللابس الكتان, اي إبن الانسان , أي ألإقنوم الثاني, وجههُ كمرى البرق لشدة النور الخارج منهُ, وعيناه كمشعلي نار, اي نار الروح القدس تشع منهُ.


وفي ألآيات أدناه ألتي تخص ألله ألإبن بعد ألتجسد نلاحظ أيضاَ:

رؤيا (1- 13): وفي وسط المنائر السبع شبه ابن الانسان متسربلا بثوب الى الرجلين ومتمنطقا عند ثدييه بمنطقة من ذهب (14) ورأسه وشعره أبيضان كالصوف الابيض كالثلج وعيناه كلهيب نار (15) ورجلاه كأنهما من نحاس خالص قد أحمي في آتون وصوته كصوت مياه غزيرة (16) وفي يده اليمنى سبعة كواكب ومن فيه يخرج سيف صارم ذو حدين ووجهه يضيء كالشمس عند اشتدادها.


أي إِنَّ أبن الانسان, اي الله الابن, عيناه كلهيب نار , ووجههُ يضيء كالشمس عند إشتدادها, اي يشع منهُ الروح القدس. ولاحظوا فلا ألآبُ ولا ألروح ألقدس يتمنطق حول حقويه او عند ثدييهِ بمنطقة من ذهب.


فإذن الروح القدس يشع من الاثنين اي من ألآب ومن ألإبن ايضاَ, وقد يتواجد بمفرده ويشع من ذاته كما حصل في يوم الخمسين, وهكذا تتكامل كينونة الوحدة الثلاثية الازلية, بالأقانيم الثلاثة المستقلة والمتضامنة بنفس الكينونة والوقت, فلا إنفصال ولا تجزئة.


إلى هنا تكلمنا عن كينونة وإستقلالية الاقنوم الثالث, وإمكانية تواجدهُ بمفرده, وكذلك بأنَّ الآب والابن والروح القدس يشعون نور الروح القدس من ذواتهم, لكن ماذا عن إنبثاق الروح القدس؟ وهنا نورد كلام السيد الرب يسوع المسيح في:


يوحنا (15-26): وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي.


وفي: يوحنا (16-7): لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ .... (13) وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. (14) ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ. (15) كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.


فالإرسال يتم من قبل الآب, أو بواسطة ألإبن من عندِ ألآب, اما الانبثاق فالروح ينبثق من الآب. فالرب يسوع المسيح يحدد إنبثاق الروح القدس من ألآب, وهو بنفس الوقت يقول, إِنَّ الروح القدس يمجد الابن, وإِنَّ كل ما للآب هو للإِبن, فألإبن يمتلك كل ما هو للآب, فهو في الآب والابُ فيه, وهو وألآبُ واحدُ, فالروح القدس الذي من ألآبُ ينبثق هو للإبن ايضاَ كما هو للآب, فبالرغم من إنبثاقه من المصدر الذي هو ألآبُ اي من مصدر الكينونة وعلة الوجود, فهو للإبن ايضاَ, لأَنَّ ألآبُ وألإبنُ واحد ولهم الروح القدس المنبثق من ألآب روحاَ واحدا في الثالوث, لأنَّه ألله بثالوثِهِ هو ألإله واحد أحد.


ففي وقت الخلق, خلق الله بثالوثهِ كل شيء, فخلق الاب كل شيء بأمرهِ هو ذاته, وأتم الامر والعمل بكلمتِهِ واعطى الحياة لمخلوقاتِهِ بروحه القدوس, اي بواسطة الرب المحيي اي بروحه القدوس الذي هو واهب ومعطي الحياة.


فإقنوم الابن يشع منه نور الروح القدس المنبثق من مصدر ألإنبثاق ألذي هو ألآب, ولكن كل ما هو للآبُ هو للإبنُ أيضاَ, بحكم ألإرتباط الكائن والقائم بين ألآبُ علة الوجود والكينونة, وألإبنُ المولود من ألآبُ, فألآب في ألإبن, وألإبنُ في ألآبُ, وألآبُ وألإبنُ وألروح ألقدس هم ثلاثة أقانيم مستقلة ومترابطة في نفس الوقت والتي لا تتجزء ابدا في إلهِ واحدِ أحد.


فألآبُ يُرسل الروح القدسَ بإسم ألإبن, وألإبن يُرسل الروح القدس ويهبهُ للمؤمنين بفدائِهِ وخلاصهِ من عند ألآبُ, فكل ما للآبُ هو للإبن, فألإيمانَ بالفداء يمنح الانسان حق المشاركة في الحياة الابدية التي للأقنوم الثاني, اي الله ألإبن, ولهذا نفخ وقال الرب بعد قيامته للتلاميذ "خذوا الروح القدس". اي نفخ في المؤمنين نفخة الحياة الابدية, اي بالضبط كما حصل بالنفخة الاولى بعد خلق جسد آدم اول مرة, عندما أُعطي آدم الحياة في باديء الامر.


يوحنا (20-22): وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: "اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ"


والابن يعمل كل ما يعمله الاب, ويُتَمِمْ كل ما يُرسِلَهُ ألآبُ لعمله, وقد قال:


يوحنا (5-19): فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ:" الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهذَا يَعْمَلُهُ الابْنُ كَذلِكَ. (20) لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الابْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ.


يوحنا (14- 10): أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ.


وخلاصة القول: فألله ألآبُ ولد ألابنَ , ومن ألآبُ ينبثق الروح القدس, ولكن من ألإبن يشع الروح القدسِ, فكل ما هو للآب هو للإبن أيضا, لأَنّ الابُ في ألإبن, وألإبنُ في ألآب, وفي وقت الخلق, خلق الله بثالوثهِ كل شيء, فخلق الاب كل شيء بأمرهِ هو ذاته, وأتم الامر والعمل بكلمتِهِ واعطى الحياة لمخلوقاتِهِ بروحه القدوس, اي بواسطة الرب المحيي اي بروحه القدوس الذي هو واهب ومعطي الحياة.


فبألحقيقة يجب أن يكون قانون ألإيمان بحسبِ الكتاب ألمقدس هكذا:


نؤمن بإله واحد, الأب ضابط الكل , خالق السماء والأرض وكل ما يرى وما لا يرى وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد , المولود من الأب قبل كل الدهور, إله من إله, نور من نور. إله حق من إله حق مولود غير مخلوق مساوي للأب في الجوهر الذي على يده صار كل شيء الذي من اجلنا نحن البشر ومن اجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس وولد من مريم العذراء وصار إنسانا وصلب عوضنا في عهد بيلاطس البنطي, تألم ومات ودفن وقام في اليوم الثالث كما في الكتب وصعد إلى السماء وجلس على يمين الله الأب وأيضا سيأتي بمجده العظيم ليدين الأحياء والأموات والذي ليس لملكه انقضاء. ونؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الأب والذي يشعُ من ألآب وألإبن, يسجد له ويمجد الناطق بالأنبياء وبكنسية واحدة جامعة مقدسة رسوليه , نقر ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا وننتظر قيامة الموتى وحياة جديدة في العالم العتيد .. آمين.


 


ودمتم بحماية رب المجد وخالق الكون



اخوكم في ألإيمان


 

نوري كريم داؤد


23 / 01 / 2012




"إرجع إلى ألبداية"